الأدب الشعبي

السودان أرض الحضارة والتاريخ

مقدمة

يذخر السودان بتنوع في الآداب والفنون من حيث الشعر والنثر والموسيقى. بالرغم من تعدد اللغات والثقافات في السودان، إلا أن الأدب المكتوب يكاد ينحصر على اللغة العربية الفصحى واللهجة العربية السودانية. نشأت وتطورت حركة أدبية تضاهي مثيلاتها في العالم العربي، خاصة في كتابة الشعر والقصة القصيرة والنقد والترجمة. برزت أسماء لامعة مثل الطيب صالح، الذي لقب مؤخراً بعبقري الرواية العربية لروايته الشهيرة عالمياً "موسم الهجرة إلى الشمال"، والبروفسور عبد الله الطيب مؤلف "المرشد إلى فهم قصائد العرب وصناعتها" (خمس مجلدات)، وليلى أبو العلا، والشاعر محمد مفتاح الفيتوري والتجاني يوسف بشير وغيرهم.

الموسيقى

للسودان موسيقى متميزة تقوم على السلم الخماسي، وهو السلم الموسيقي الذي تنتمي إليه موسيقى الصين، واسكتلندا، وبورتو ريكو، وموريتانيا، وجنوب المغرب، وإثيوبيا، وأريتريا، والصومال.

ترجع جذور الموسيقى السودانية الحديثة إلى ما يعرف بالسودان بموسيقى الحقيبة، والتي ترجع بدورها إلى أناشيد المديح الدينية التي كانت منتشرة وسط الجماعات الصوفية منذ ممالك السودان في القرون الوسطى. امتزجت موسيقى الحقيبة بالتراث الموسيقي الإفريقي والنوبي القديم. وكانت تستخدم فيها الآلات الإيقاعية مع التصفيق، ثم دخلت آلات وترية أبرزها الطمبور أو الربابة إلى جانب المزامير والنحاس في الغرب والطبول في جنوب كردفان.

بتأسيس إذاعة أم درمان عام 1940 بواسطة الإدارة الاستعمارية البريطانية المصرية بغرض الدعاية لحربها ضد جيوش دول المحور في شمال إفريقيا وشرقها، حظيت الموسيقى لأول مرة باهتمام رسمي. منذ تلك الفترة، خطت الموسيقى السودانية خطوات جبارة في تطورها، مواكبةً التطور العالمي ومتأثرة بموسيقى مثل الموسيقى البرازيلية (المامبو السوداني، لسيد خليفة) والروك – أند- رول، وموسيقى البوب الراقصة والخفيفة (يا صباح يا زاهي، إبراهيم عوض). وبدخول الجيتار الكهربائي والآلات النحاسية تأسست فرق لموسيقى الجاز (الفنان شرحبيل أحمد في أغنية الليل الهادي)، وغنى الشباب السوداني الراب والريجي.

بتأسيس معهد الموسيقى والمسرح في عام 1969، والذي تحول لاحقاً في عام 1998 إلى كلية جامعية تابعة لجامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا، حققت الموسيقى طفرة انتقلت بها إلى العلمية، وتم جلب أساتذة للموسيقى من دول مثل إيطاليا وكوريا الشمالية.

يقام في الخرطوم مهرجان عالمي للموسيقى في أكتوبر من كل عام تشارك فيه فرق من دول أجنبية مثل الصين وموريتانيا وهولندا وسويسرا وغيرها.

السينما

اقتصرت صناعة السينما السودانية على إنتاج الأفلام القصيرة والأفلام الوثائقية، ومن الأسماء البارزة في هذا القطاع المخرج كمال إبراهيم والمصور جاد الله جبارة. شهد عام 1970 أول محاولة سودانية لإنتاج فيلم طويل بعنوان "آمال وأحلام"، من إخراج إبراهيم ملاسي وإنتاج الرشيد مهدي.

قام بالمحاولة الثانية أنور هاشم، الذي تخرج في المعهد العالي للسينما بالقاهرة عام 1971، عندما أنتج وأخرج فيلم "شروق" عام 1974.

تعتمد السينما السودانية على القصص التراثية (فيلم تاجوج، إخراج جاد الله جبارة، بطولة صلاح بن البادية) أو الأعمال الروائية السودانية (عرس الزين، بطولة علي مهدي وقصة الأديب السوداني الشهير الطيب صالح). هناك أعمال مشتركة مع بلدان أخرى مثل فيلم "رحلة عيون" مع مصر في 1984، وهو عبارة عن ميلودراما غنائية، وفيلم "عرس الزين" مع الكويت.

فاز العديد من الأفلام السودانية القصيرة بجوائز عالمية مثل فيلم "ولكن الأرض تدور" الذي أخرجه سليمان محمد إبراهيم، ونال ذهبية مهرجان موسكو الحادي عشر في مسابقة الأفلام التسجيلية عام 1970. وفيلم "الضريح" من إخراج الطيب مهدي، الذي فاز بذهبية مهرجان القاهرة للأفلام القصيرة في عام 1970، وفيلم "الجمل" للمخرج إبراهيم شداد، الذي حصل على جائزة النقاد في مهرجان كان عام 1986.

المسرح

بدأ النشاط المسرحي في المدارس والأندية كوسيلة للتعليم والتوعية والإرشاد منذ بداية الألفية الأولى. كان خالد أبو الروس من رواد الحركة المسرحية في السودان بإصداره مسرحية "تاجوج"، المنبثقة عن قصة تراثية شبيهة بقصة مجنون ليلى في الأدب العربي أو روميو وجوليت في الأدب الإنجليزي عام 1934.

لقيت تلك الأعمال تجاوباً من الجمهور، مما دفع بالمسرح إلى أن يخطو بخطى وئيدة إلى الأمام. في عام 1958، تم إنشاء المسرح القومي السوداني في أم درمان، وكانت تلك بداية لظهور جيل جديد من المخرجين والممثلين مثل الطاهر شبيكة، الفاضل سعيد، يس عبد القادر، الفكي عبد الرحمن، حمدنا الله عبد القادر، بلقيس عوض، فايزة عمسيب، وتحية زروق.

أنتج المسرح السوداني مختلف الأعمال المسرحية من مختلف المدارس الفنية، مثل المدرسة الكلاسيكية الرومانسية، العبثية، الرمزية، والواقعية. إلا أن اليد الطولى كانت لهذه الأخيرة، وذلك لبساطتها وارتباطها بقضايا المشاهد السوداني وسلوكياته وعاداته. حققت مسرحيات مثل "على عينك يا تاجر" للأستاذ بدر الدين هاشم و"خطوبة سهير" للمخرج حمدنا الله عبد القادر، و"أكل عيش" بطولة الفاضل سعيد، نجاحاً باهراً.

الفنون التشكيلية

عرف السودان فن الرسم والنقش والنحت منذ القدم، ولا تزال جدران معابد الممالك النوبية في شمال السودان تحمل آثار تلك الأعمال. استمر الحال حتى عهود الممالك المسيحية.

في العصر الحديث، ارتبطت الفنون التشكيلية ارتباطاً وثيقاً بالتراث الوطني والبيئة المحلية والتطور الاجتماعي في السودان والتحولات العالمية في مجالات الفنون. هذه الخاصية جعلت الأستاذ الجامايكي دينس وليامز – إستاذ وناقد بكلية الفنون البريطانية في عام 1955 – يطلق على الأعمال التشكيلية السودانية اسم "مدرسة الخرطوم".

من أبرز الفنانين التشكيليين بهذه المدرسة إبراهيم الصلحي، وأحمد شبرين، وحسين جمعان، وشفيق شوقي، وسهام عمر عبد القادر. لم تكن لمدرسة الخرطوم في بداية سنواتها نزعة أسلوبية أو جمالية محددة بل كانت تشمل مختلف المدارس الفنية من انطباعية، سريالية، تجريدية، واقعية وغيرها.

في العقود الأخيرة، ظهرت اتجاهات ومدارس فنية ملتزمة برؤى فلسفية معينة مثل المدرسة الكريستالية، ومن أبرز روادها الفنان محمد شداد، وجماعة الحديقة التشكيلية بقيادة الفنان علاء الدين الجزولي، ومدرسة الواحد التي أسسها أحمد عبد العال.

الفن والتراث الشعبي

يتمثل هذا التراث في الأعمال اليدوية التي نشأت في شكل طبيعي من داخل المجتمع، مستخدمة المواد المحلية مثل نبات القرع والجلود والسعف والصوف. نجده في الفنون الشعبية الراقصة مثل الجراي والهسيس والتويا وعجيلة في شمال كردفان، والكمبلا، والمردوم، وغناء الحكامة، وام أدي والدورية والكبسة والبخسة في جنوب كردفان.

في شرقه وغربه ووسطه وشماله، لكل قبيلة رقصاتها الشهيرة في مختلف المناسبات كالحصاد والزواج والختان وغيرها.